تم تدشين موقع القصة العربية بشكله المطور؛ الذي يحتوي على الكثير من الخدمات، التي تتماشى مع رغبة أعضائه، وبما ينسجم مع وسائل التواصل الاجتماعي. سيكون الموقع للتصفح والقراءة الآن، ريثما ننتهي من برمجة الخدمات المدرجة في جداول التحديث. قريباً سنعلن عن كيفية الاشتراك، ووضع النصوص وتعديلها، وتفاصيل السيرة الذاتية.. ومزايا أخرى.
الحُـــبّْ 3 ـ 3
ليلة العرس
title

تزوج جارنا، صاحب السيارة الحمراء(اللوري)اللامعة، وال(قذلة) وسنّ الذهب زوجة أخرى بدوية؛ التي أنجبت له ولدين وثلاث بنات، وسرعان ما بدأ السباق بين المرأتين في الإنجاب؛ ففي كل عام تنجبان بنتين جميلتين، أما هو فيرغب بأطفال ذكور، ولكن ذلك لم يحصل.
مزرعتهم تلاصق مزرعتنا ويفصل بينهما ممرّ ترابي ضيق وسوران قصيران من الطين، إحدى البنات تمر بعد الظهر من هذا الطريق متجهة إلى المزرعة، وأنا أستلم طواعية سقاية أحواض الحنطة في مزرعتنا، أقف بجانب الجدار القصير؛ تأتي وتلقي السلام وهي تبتسم؛ لكنها لا تتوقف، فابن الجيران الكبير الموالي لمزرعتهم يتعمد أن يقف في نهاية الممر مراقبًا ما يحدث، تتوجه وتغوص وسط أحواض الحنطة، ولا أرى غير رأسها ولفتاتها من بعيد، قبيل المغرب تنهي عملها وتعود، وأنا واقفٌ، وابن الجيران يبرز في توقيته الذي لا يتخلى عنه.
في الأمسيات تأتي أمها والزوجة الأخرى عند أمي للسمر؛ وبصحبتهن البنات، وفي الغالب نجلس معهن، حتى إذا استدق الكلام، أمرتنا أمي:
ــ لِمَ لا تذهبون للشعيب للعب مع الصبيان؟
لم أتحدث مع هذه البنت؛ ولكن شاع في القرية أنها تحبني وأنا أحبها، كما تؤكد أمي!
مضى الكثير من الأيام، وفي إجازة الصيف بدأ الاستعداد في بيت الجار لحفل زواج، عرفنا من قدوم جهاز العروس أن معلم المدرسة قد خطب هذه البنت، في تلك الليلة تناول أهل القرية طعام العشاء المكون من جمل متوسط العمر؛ ثم تفرقوا لإعداد مجالسهم وتجهيز القهوة والشاي وما جلبوه من فواكه؛ لتقديمه للضيوف القادمين من المدينة برفقة العريس.
صلى الزوار صلاة المغرب والعشاء جمعًا وتناولوا طعام العشاء المخصص لهم والمكون من أجود الخراف، ثم بدؤا بزيارة مجلس جار أبو البنت، ثم الذي يليه حتى داروا بزيارات مجاملة سريعة على كل مجالس الحي، الآن يدخل الشاب المتزوج مع أبيه وإخوانه والخلّص من جماعته برفقة خطيب القرية لعقد القران، وتتم المباركة؛ ثم يخرجون؛ ويبقى العريس في الغرفة المزينة والمعدة لهذه المناسبة، وتتولى النساء القريبات من البنت (عمتها، خالتها) إدخالها على زوجها الذي لم يسبق أن رأته أو رآها.
يغادر بقية الزوار المكان؛ أما أقارب العريس، فيتوجهون إلى الباحة المفروشة قريبًا من البيت، وتبدأ أغنيات العرضة، ثم يتوافد أهل القرية للفرجة والمشاركة أحيانًا.
في تلك الليلة كنت هناك، وقد لاحظت أني مراقب، وأن اثنين ـ من أهل المدينة ـ يجلسان بجانبي على اليمين واليسار، ويسألاني:
ــ لِمَ أنت هنا؟
أضحك، وليس في تفكيري شيء:
ــ أتفرج مثلكمّ
ـ أين بيتكم؟
أشير إلى بيتنا:
ــ هل نذهب لــ (نقهويك)! أقول ذلك ساخرًا
ــ شكرًا، لكن متى تنام؟
هنا أحدق به طويلًا، وأسأل بغضب:
ــ ما هذه الأسئلة(الملقوفة)؟
يصمت؛ لكنه لا يتزحزح من مكانه هو والآخر، وعندما أقف يقفان، أمشي بين صفوف المتفرجين فيتبعاني، أقترب من أخي الكبير وأخبره عن هذه المسرحية، يضحك ويقول:
ــ (خائفين منك)!
ــ لماذا؟
ـــ أنت العاشق، و(عَشْقِتَك) مع أخوهم الآن!
لقد نسيت الأمر كله، أتذكر البنت وأحواض الحنطة وابن الجيران الراصد للممر الفاصل بين المزرعتين؛ ابتسم وأهزّ رأسي وأنا أجلس بجانب أخي ونتابع أغاني العرضة.
















التعليقات
()